كيف تصنع الولد الصالح الذي سيدعو لك بعد مماتك وتخلا الجنة معاً
لابد في البداية أن نقف عند بعض المسلمات , وفي الحقيقة أيها القارئ الكريم , فإن العدالة والإصلاح مطالب ثمينة وعظيمة على أصحاب الهمم ،وعلى كل صاحب حكمة وعقل ، وهنا لابد من سائل يسأل لماذا كل هذا؟ والجواب وبكل بساطة: لأن البر يتبعه كل الخير والحب والود, وهذا فقط لأن البر هو الفطرة السليمة ,التي خلق الله بها الناس ، فلا تسير أمورهم على الوجه الصحيح , إلا بإقرار تلك الغريزة الإلهية ، وهذا البر في الذرية من تلك الغريزة التي تتفق معها كل العقول السليمة, وحول تربية الأبن الصالح , سنقف معكم أيها الأعزاء في عدد من الوقفات ، لعله يوقظ من الغفلة ويذكر من النسيان ؛ قال الله تعالى: ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ .
المحطة الأولى:
الأطفال وكما وصفهم رب العزة فهم من زينة الحياة الدنيا ، وبرهم راحة لوالديهم ومجتمعهم. حيث يظهر هذا في أخلاقهم وسلوكهم ، وحيث تُعفَّر أطرافهم عن النهي ، فإن قلوبهم مطمئنة وطهارة من الأوساخ والشوائب ، وهنا نقول وبغبطة يا لمدى سعادة والديهم بها , وحيث تطمئن نفوس الوالدين بهذا العدل ، ولا يتحقق ذلك إلا لمن واجه مشقة في التعليم ، لأن حقيقة البر والإصلاح تكمن في النجاح في الدنيا والآخرة ، ولا بد التركيز عليهم في الدنيا , حتى يكونوا كما نشتهي في الآخرة , فيدعون لنا.
المحطة الثانية:
حين يهدي الله الابناء وتهدئ نفوس الأبوين فهذا توفيق من الله تعالى ، كذلك هو دلالة وتوجيهات متعاقبة من الوالدين ، وهذا يجعلنا نشعر بحجم الجهد الذي يجب أن يبذله الوالدان.
لكننا نرى في واقعنا حماسًا كبيرًا ورغبة عارمة في نفوس الآباء من أجل هداية أبنائهم ، ولكن عندما نبدأ في العمل الجاد في التربية والإصلاح ، نرى نسبة من التأخير في ذلك الحماس وتلك الهمة ، فهذه الخطوات يجب أن تتوافق مع الرغبة في القلوب ,إلى أن يولد البر بنفوس الأبناء بإذن الله ، فإن بذل الجهد في برهم أهم من بذل الجهد في أمور أخرى ,من الجلسات المفتوحة والتجمعات الاجتماعية والإدارات المالية وما إلى ذلك ، وطبعا ومن المؤكد ومن الضروري إعطاء كل شخص حقه.
المحطة الثالثة:
ما الذي يحفز الآباء والأمهات على الاهتمام بهذه التنشئة الجيدة ؟ هو إدراكهم للفرق الواضح بين البر والعقوق ، فما مكاسبنا إذا كانوا صالحين؟ وما خسارتنا إذا فسدوا لا سمح الله؟
إن المتأمل في هذه المقارنة بين المصالح والشرور لديه دافع قوي لمضاعفة الجهود وترتيبها وإدارتها ضمن الخطة الموضوعة لهذا المشروع الإصلاحي في الذرية ، ومن السهل دفع ثمنها ، إذ هو نفقة وجهود محمودة بقسد الخير إن شاء الله تعالى, وإن كانت غير ذلك لا سمح الله فنكون قد أعذرنا أمام خالقنا تبارك وتعالى .
المحطة الرابعة:
أقترح عليكم ، أيها الآباء والأمهات الإعزاء ، هذه الخطوات الضرورية لهداية الأبناء :
الخطوة الأولى:
داوم على الصلاة والدعاء من أجلهم ولا تهمل الأوقات التي يستجاب فيها الدعاء. مثل الثلث الأخيرمن الليل ، و بين الأذان والإقامة ، بعد ظهر صلاة الجمعة ، وفي حالة السجود ونحو ذلك, فربما يهديك الله في ساعة عظيمة معينة في آخر الليل ، وتكون ابواب السماء مفتوحة , فيقبل الله منك الدعاء وتكون قد أصبت الخير من الله بصلاح ابنائك وأهلك .
الخطوة الثانية:
حاول أن تقترب من الأبناء وأن تكون مهذبًا معهم ، وأن تتحدث بلطف وتبقى معهم ، حتى يرغبوا في ما لديك ويتأثرون بأخلاقك الحميدة بشكل إيجابي.
الخطوة الثالثة:
تزويدهم بجرعات تربوية ودينية وإن كانت صغيرة. لكي يهديهم الله ويعتادوا على تطبيقها.
الخطوة الرابعة:
حاول التعرف على أصدقائهم ، واجلس معهم وتحدث معهم أحيانًا ، وأخبرهم واشرح لهم صفات الصديق المناسب لهم .
الخطوة الخامسة:
تكليفه بالمسؤوليات , التعود على العمل وترك البطالة , والتعرف على مداخل ومخارج الحياة تمهيداً لمستقبله الاجتماعي.
الخطوة السادسة:
استشر من تراه مناسبًا للحصول على المشورة من المعلمين وأهل الاختصاص ، فقد يفتح لك ذلك آفاقًا غائبة عنك ، وقد يذكر لك أيضًا تجارب الحياة الواقعية الناجحة.
الخطوة السابعة:
لا تصب المال على ولك او ابنتك بطريقة مبالغ فيها , فينطبع في نفسه الترف لاسمح الله ، ولا تقصرأيضاً معهم ، ولاتنسى قول الله تعالى : ﴿وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ﴾
الخطوة الثامنة:
عند حدوث خطأ منه ، يمكن توجيهه دون غضب أو استياء ؛ لأن ذلك قد يدمر ما تم بناؤه في الماضي ، وهذا يتطلب درجة من الصبر والتحمل والحكمة.
الخطوة التاسعة:
الإغفال الذكي والإيجابي لبعض الزلات التي تم التغاضي عنها ,لأن إثارة هذه الزلات الصغيرة قد لا يكون مفيدًا مثل تجاهلها ، ويتحقق ذلك من خلال الإنصاف والتأمل.
الخطوة العاشرة:
دعه يكون في خدمتك في كثير من شؤونك , حتى يستفيد من صفاتك الحميدة ، وإذا كلفته بفعل شيء ، فاذكر له بعض التوصيات التربوية في هذا العمل , لكي يستفيد من التجربة والسلوك ولو بكلمات بسيطة حتى لا ينساها.
الخطوة الحادية عشرة:
التركيزعلى الصلاة ثم الصلاة ثم الصلاة لانها تنهى عن الفحشاء والمنكر , فإن كانت صلاته صحيحة فكل حالته وحياته صحيحة ، فاحرص على صحتها معه قدر المستطاع من خلال جلسات العلم والمحاضرات ، وحثه على فعل ما تراه من بره فيها.
الخطوة الثانية عشرة:
اجعل نيتك أن تكون مصلحًا بكونه صالحًا ، بحيث تنصحه بنقل ما ينتفع به منك ومن الآخرين إلى الآخرين ، فإذا كان مصلحًا فهو من عوامل ثباته على الصواب والصلاح والبر.
أيها الآباء والأمهات هذه خطوات سريعة لا مجال لتبسيطها اكثر من ذلك ، وكل خطوة فيها هي موضوع بحد ذاته قابل للنقاش ، ولكل مرحلة من مراحل التربية , لها وسائلها وطرقها ، وربما لا تخفى عن مدارك عقلك وخبرتك في الحياة ، وهنا ننصح بانه لا مانع من عقد لقاءات متكررة ومتنوعة مع التربويين والاستفادة منها في هذا المجال , والله الموفق , اللهم ارزقنا واياكم ابناء صالحين مصلحين يارب العالمين.
إقرأ المزيد :