بقلم الكاتب محمد زعل السلوم ــ ألوان نيوز
أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم 23 مايو أيار أن بلاده ستشرع قريباً باستكمال إنشاء مناطق آمنة بعمق 30 كم “على طول حدودنا الجنوبية مع سوريا”، وقد أشار إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب الكردية، التي تعتبرها أنقرة واجهة حزب العمال الكردستاني، ومن الواضح أن اجتماع مجلس الأمن القومي التركي قد قرر يوم الخميس 26 مايو أيار تلك العملية التي ستبدأ قريباً. لكن ماهي عوامل التحرك التركي العسكري المفاجئ في العمق السوري :
عامل الإنسحاب الروسي :
أعلن وزير الخارجية الروسي يوم الجمعة 27 مايو أيار أن القوات الروسية في سوريا لم يتبق لديها مهام عسكرية تقريباً. ومن الواضح وجود تفاهمات تركية روسية بهذا الشأن، خصوصاً بعد الخسائر الروسية الكبيرة في أوكرانيا وحربها هناك، ومنع تركيا وفق اتفاقية لوزان للسفن الروسية بعبور البوسفور حسب طلب حلف الناتو الذي تنتمي إليه. وبالتالي فمن المصلحة الروسية أن تملأ القوات التركية أماكن سيطرة الروس بدل إيران.
عامل التقارب مع كل من السعودية والإمارات :
التقارب التركي مع كل من السعودية والإمارات وزيارة الرئيس التركي أردوغان مؤخراً للسعودية، أفضى لتفاهمات جديدة حول الوضع السوري، وخصوصاً في منطقة شرق الفرات التي تسيطر عليها الوحدات الكردية المناهضة لتركيا، كما كان لتركيا تدخلات عسكرية مؤخراً في الشمال العراقي، مما يعني أن تركيا تتجه لتشكيل تلك المنطقة الآمنة. وتفاهمات تركية سعودية إماراتية عراقية ربما لإعادة مرور الشاحنات التركية والتصدير للخليج عبر العراق الذي تحتله إيران.
عامل مفاوضات أنقرة مع السويد وفنلندا للدخول للناتو :
بدأت تركيا مع كل من فنلندا والسويد في أنقرة الأربعاء 25 مايو أيار المفاوضات حول إقناع تركيا القبول بدخول الدولتين لحلف الناتو، وعدم رفع الفيتو التركي في وجه طلبهما في اجتماع دول حلف الناتو في يونيو حزيران المقبل، وقد أكدت تركيا على شروطها الخمسة في وجه السويد لقبولها في الحلف وهي :
1.التوقف عن دعم حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية سياسياً.
2-التوقف عن تمويل الإرهاب.
3-إنهاء الدعم المسلح لحزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية
4-رفع الحظر على تصدير الأسلحة إلى تركيا.
5-توفير ضمانات سويدية بشأن الأمن في تركيا.
وهذا يعني موافقة مبدئية للحلف على التدخل العسكري التركي، وموافقة غير معلنة للولايات المتحدة لذلك التدخل، خاصة أن الولايات المتحدة تتجه لتصعيد مع روسيا والضغط عليها في كل من أوكرانيا ووسط آسيا واليابان وبالطبع سوريا. وبذات الوقت لا ترغب بأن تحل الميليشيات التابعة لإيران محل الروس وبالتالي نصر معنوي للإيرانيين، بعد فشل مفاوضات إعادة الاتفاق النووي مع إيران واعتبار الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية.
عامل التضخم والأزمة الاقتصادية العالمية :
وصل معدل التضخم في تركيا إلى 70 بالمائة، فضلاً عن انخفاض عملتها وعامل القوة الشرائية، وهي من تحاول التعافي من أزمة كورونا ولتواجه أزمة الغزو الروسي لأوكرانيا، مما زاد الضغوطات على عملتها الوطنية. وبالتالي ستجد تركيا الفرصة في تخفيف السخط الداخلي وتوجيه الأنظار لعمليتها العسكرية.
عامل اقتراب انتخابات 2023 :
يتصاعد صراع الأحزاب المعارضة لحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، مستخدمين قضية اللاجئين السوريين في تركيا واستمرار تدفق اللاجئين الأفغان، وارتفاع الأسعار والتضخم، والاتهامات المتصاعدة في تقاعص حكومة أردوغان عن تجنب التضخم المتصاعد. وبالتالي فالعملية العسكرية ستوجه الأنظار لإعمار مدن جديدة في سوريا وفتح سوق عمل جديدة لتركيا في سوريا.
عامل سياسة ترحيل السوريين بضمانات أمنية
تضع المعارضة التركية وجود اللاجئين السوريين في تركيا في ميزان صراعها مع الحزب الحاكم في تركيا، وبالتالي يجد أردوغان وحسبما أعلن أنه ينوي إعادة مليون لمليون ونصف سوري لأماكن آمنة في سوريا، مما يدفعه للنجاح في الانتخابات المقبلة والمفصلية في التاريخ التركي الحديث، والتي تعتبرها الأحزاب معركة مصيرية.
عامل التقارب الأمريكي اليوناني على حساب تركيا
الولايات المتحدة والتي كانت طوال عقود تتمركز قواتها في تركيا بشكل أساسي في الشرق الأوسط، بدأت مؤخراً في توجيه قواعدها نحو اليونان، لدرجة أن اليونان قامت بمناورات قرب الجزر التابعة لتركيا وهو ما يشكل انتهاكاً لاتفاقيات حلف الناتو بين الدول المتحالفة، حتى وصل ببعض المحللين الأتراك لتصور حرب مقبلة بين تركيا واليونان، بعد انتقاد الرئيس أردوغان لرئيس الوزراء اليوناني وعدم التفاهم والاتفاق على تقاسم حقول الغاز والتنقيب عنها بينهما.
عامل التقارب التركي الإسرائيلي
كان توجه وزير الخارجية التركي تشاووش أوغلو كأول وزير خارجية تركي لإسرائيل منذ 15 عاماً، يوم 25 مايو أيار 2022، نقطة تحول رئيسية في العلاقات بين الدولتين وعملهما على “هندسة معمارية إقليمية” جديدة في المنطقة وخاصة في سوريا، حيث تلتقيان بأن إيران تزعزع المنطقة بمنظماتها الإرهابية، وضرورة التنسيق بين الطيران التركي والاسرائيلي في الأجواء السورية، وتواجهان معاً الحضور الروسي في سوريا. وبالتالي فإعادة تطبيع العلاقات هام بينهما خاصة وإعادة السفراء بين البلدين. وكذلك اتفاقهما على مد أنبوب غاز بينهما.
إقرأ أيضاً :