- بقلم محمد زعل السلوم الوان نيوز
30 سبتمبر 1938 :
بعد عودته من ميونيخ، حيث وقع للتو اتفاقاً مع هتلر (اتفاق يسمح للديكتاتور النازي بضم جزء من تشيكوسلوفاكيا مقابل وعده بوقف جميع المطالبات الإقليمية)، أعلن رئيس الوزراء البريطاني نيفيل تشامبرلين أن المعاهدة تنص على أنه وقعت الليلة الماضية تضمن “السلام لعصرنا”.
وقال : “اذهب إلى المنزل ونم بسلام”، وهو فخور بإنقاذ مواطنيه من خوض حرب أخرى.
في نفس اليوم، نزل رئيس المجلس الفرنسي، إدوار دالاديير، من الطائرة التي أعادته أيضاً من ميونيخ.
خاب أمله من المعاهدة التي تم التوقيع عليها للتو (وهي معاهدة اعتبرها مؤاتية للغاية لألمانيا)، وكان على يقين من أنه سيتم الترحيب به من قبل حشد غاضب عندما ينزل من الطائرة.
لكن العكس هو الصحيح.
استقبله الناس كبطل. ملوحين بأعلام ثلاثية الألوان وينشدون المارسييز La Marseillaise ورموا الزهور عليه…
كان دالاديير شاحباً، ومقتنعاً بأن هذه المعاهدة، بعيداً عن ضمانتها للسلام، ستشجع هتلر على عكس ذلك على غزو بلدان أخرى (وبالتالي دفع أوروبا إلى حرب عالمية ثانية)، ينظر دالاديير إلى الفرنسيين الذين يهتفون له ويغمغمون بأسنانهم المرهقة : “آه، الحمقى! لو يعلمون”…
في الأول من سبتمبر أيلول من العام التالي، غزا هتلر بولندا وكانت أوروبا في حالة حرب.
سؤال المليون
بعد أربعة وثمانين عاماً، نعيد العرض في نفس الفيلم.
يعتقد البعض أن الغرب يمكنه تجنب الحرب العالمية من خلال التفاوض مع بوتين والسماح له بفرض شروطه على أوكرانيا.
بينما يعتقد البعض على العكس من ذلك أن أي حل وسط مع الرئيس الروسي لن يؤدي إلا إلى تعزيز قناعته بأن الغرب ضعيف ومستعد لتقديم أي تضحيات لتجنب القتال.
من على حق؟
نيفيل هذا العالم أم دالاديير؟
من يظن أنه يجب تفضيل الحل الديمقراطي والسماح لبوتين بالخروج من هذا المستنقع ورأسه مرفوعاً أم أولئك الذين يعتقدون أن القوة وحدها هي التي يمكن أن توقف الرئيس الروسي؟
للإجابة على هذا السؤال، على المرء أن يعرف ما يدور في رأس الرئيس الروسي.
هل هو مجنون أم عاقل ولديه حسابات؟
هل يريد دفع العالم إلى حرب شاملة من أجل تصفية حساباته مع الغرب مرة واحدة وإلى الأبد أم أنه سيقبل وضع الماء في فودكا؟
إذا نظرنا إلى الوراء، فمن السهل أن نقول أن نيفيل كان مخطئاً.
لكن في الوقت الذي كانت تتكشف فيه هذه الأحداث، لم تكن الأمور واضحة تماماً.
وجد الناس صعوبة في تصديق أن أوروبا يمكن أن تشتعل مرة أخرى بالسيف، بعد عشرين عاماً فقط من نهاية الحرب العالمية الأولى، التي كانت مذبحة …
الحرب والعار
عندما علم أن نيفيل وقع معاهدة تهدف إلى استرضاء هتلر، قال تشرشل غاضباً ومعبراً عن قرفه : “أردت تجنب الحرب على حساب العار. سيكون لديك عار وستخوض حرب.”
الغرب مستعد حالياً للتضحية بأوكرانيا حتى لا يذهب للحرب.
هل سيسمح هذا “العار” بتجنب الأسوأ؟ أم أنه سيؤخرها فقط؟ كما أخرها عندما كان في سوريا وفتح الباب له على المتوسط حيث نشر فيه إضافة لقاعدة الحميميم سفنه الحربية من جنوب كريت للاذقية إضافة لغواصة نووية.
إقرأ المزيد :