“خطف الأطفال” تعبيرٌ مجازي كان بالأمس البعيد يطلق على حالة تمثلها امرأة مخيفة بصفات بشعة، بالإضافة إلى أنها شريرة تحتال لتخطف الأطفال وتبيعهم لعائلات أخرى، أو تقوم بالإستفادة من اعضائهم أو أنها تستعبدهم، ربما!.
نموذج من أساطير الامهات العربيات !
كانت الأمهات تستخدم هذه الصورة الرمزية من الشر ,لإخافة ابنائهم ودفعهم إلى عدم تكرير اخطائهم والإلتزام بتعليمات الوالدين وعدم الشذوذ عنها.
وفي مثل هذه الحالة كان لابد للأطفال ,إلا أن يلتزموا بقوانين الأسرة والتي تمثل الإطار الذي يحمي العائلة ,من التفكك والضياع بعيداً عن الشرور في الخارج.
بداية المشكلة
ذات يومٍ ، خرجت الجموع المطالبة بحريتها وكرامتها بشكل حضاري وسلمي، ثم ما لبث أن أُدلج حِراكهم ودوّل، لتتدخل فيه دول ذات مطامع سياسية واقتصادية ، حتى أخرجته عن سلميته وقامت بعسكرته، ودعمته أطراف أخرى طامعة بأكبر قدر من حصتها, من الكعكة وبخيرات هذه البلدان، حتى فقد طابعه السلمي وأُفرغ من مضمونه ,حيث اشتُريت الذمم وصُيّرت الأمور إلى ما صارت إليه.
هجرة قسرية وتهجير ممنهج
بعد ما تدخلت الدول كبيرها وصغيرها، طمعاً بمكاسب هنا وهناك، وعلى حساب أزمة إنسانية كبرى, لم يشهد التاريخ مثلها منذ نهاية الحرب العالمية الأولى، بدأ العبث والعمل على تغيير ديمغرافي في خريطة التوزع العرقي والمذهبي، في دول كسوريا والعراق، فهُجرت أعداد كبيرة من السوريين والعراقيين من مناطقهم وبشكل ممنهج وبدلالات واضحة الأهداف.
فكانت النتيجة “هجرة عشوائية” إلى “دول الجوار” ,و “جوار الجوار” والدول المحيطة، بحسب القرب الجغرافي والصلات والانتماءات العرقية والعشائرية .
ما لبثت هذه الهجرة أن “مُنهِجت” و”مُؤسست” بجهود منظمات دولية مثل “المفوضية العليا لشؤون اللاجئين”،التابعة للأمم المتحدة.
والتي بدورها قامت بإعادة تهجير العائلات إلى دول غربية متعددة كأوروبا وأمريكا وكندا، عبر برامج (إعادة التوطين).
وبحسب تقرير لل “المفوضية السامية لشؤون اللاجئين” بتاريخ 18/6/2020 في إحصائية لأعداد اللاجئين السوريين المهجّرين ، يذكر تركز 83% من اللاجئين السوريين في دول المنطقة العربية والجوار السوري.
إذ تستضيف تركيا ثلاثة ملايين و600 ألف لاجئ سوري، تليها لبنان 910 آلاف و600، والأردن 654 ألفًا و700، والعراق 245 ألفًا و800، ومصر 129 ألفًا و200 لاجئ، وفي ألمانيا 572 ألفًا و800 لاجئ، وفي السويد 113 ألفًا و400 لاجئ.
بين وطنين و هجرتين
بعد أهوال الهجرة الأولى ومقتضياتها، وبدايات الهجرة الثانية وأولوية البحث عن الاستقرار, في الوطن الجديد، ظهرت عقبات كثيرة تتعلق بالاندماج, بهذه الأوطان الجديدة وطبيعة القوانين واختلافها ,عن القوانين في دول الشرق العربي المسلم ، ناهيك عن الاختلاف الجذري في العادات والتقاليد .
كل هذا التباين بين المجتمعين العربي والغربي، أفرز مشكلات عكرت صفو الاندماج مع البيئة الجديدة، لكن هذه المشكلات كانت قليلة ولا تذكر, ولا يسلط الضوء عليها أو ربما ليست محط اهتمام الإعلام بحكم أنها دائما ما توصف ب “مشكلات تتعلق بأفراد”، وربما “حالات فردية”.
وكان الاهتمام بالمقابل على نجاحات اللاجئين في أوطانهم الجديدة، في المجال الدراسي والعلمي والبحثي ,تارة وعلى صعيد العمل والتكيف مع المجتمع تارة، بمسمى “اللاجئ الصالح” !.
ومع ازدياد ظهور مشكلات, عدم التأقلم وطفوها على السطح، باتت حديث “اللاجئين” والمصيبة التي تؤرقهم وتسكر عظم “انسجامهم الاجتماعي” مع نفسهم ومع محيطهم “الجديد”، مشكلات يمكن أن نسميها أسْ المشكلات وأساسها، وهي القوانين المتعلقة بالأسرة والمجتمع ومايدور في فلكها.
” خطف الأطفال ” الصورة الرمزية التي باتت واقعاً !
وعودةً إلى الصورة الرمزية التي تمثلت ب”خطافة الأطفال “، في الأمس البعيد والتي أصبحت واقعاً حقيقياً اليوم ، وفي الأمس القريب أيضاً ، بعد أن كانت صورةً مجازيّة للتعبير عن الشر المحدِق في الخارج في حال اخطأ الأبناء بفتح ثغرةٍ تسمح “للخطافة” بالدخول .
حيث تتمثل ” الخطافة” الحقيقية اليوم بخطورة تشريعات تم سنها في” الدول المتقدمة”!
حيث ومن المفترض أن تسن هذه القوانين لحماية الأسرة, من التفكك وتأمين أكبر قدر من الرعاية من قبل الدولة والوالدين ,المسؤولين عن الأطفال باعتبار أنهم أحد اركان الأسرة.
فمن قلق على الاطفال من أخلاق “المجتمع المضيف”، إلى خوف على الأطفال من قوانين هذا المجتمع!.
المجلس الوطني والسلطة الاجتماعية ذات الصلاحيات المطلقة “السوسيال”
( السويد كمثال)
“السوسيال” : هي إحدى الدوائر التابعة للمجلس الوطني للصحّة والرعاية ، وهي سلطة للخدمات الاجتماعية، ومسؤولة عن دعم فئات محددة من المعاقين، والمسائل المرتبطة بالكحول والمخدرات.
وصلاحيات المجلس الوطني ومسؤولياته واسعة, ولدرجة عدم السماح لأيّ سلطة أخرى بتولي المسائل التي يتولاها.
وكأمثلة على عمل المجلس الوطني عبر إحدى دوائره الممثلة ب”السوسيال” : هي رعاية كبار السن، رعاية مدمني المخدرات، رعاية الأطفال والشباب، والمساعدات المالية.
وتحت هذا البند الأخير أقرت “السوسيال” (في أوروبا العجوز) لنفسها ,ومتذرعة بالدعم للعائلات اللاجئة ومستغلة جهلها بالقوانين، أقرت لعب دور “الخطافة ” بشكل قانوني، حيث تقوم بسرقة الأطفال من عائلاتهم, والحاقهم بعائلات “مضيفة” أخرى ، عبر استغلال ” الاختلاف” في تركيبة المجتمع العربي, عن المجتمع الغربي في تربية الأبناء ,وتنشئتهم، حيث أن الأول يعتمد نوعاً من الخشونة اللفظية و الجسدية ,بشكل أكبر كنمط تقليدي متوارث، يتوارثه الأبناء عن الآباء والأجداد، اضافة إلى ادعاءات أخرى.
سرقة هؤلاء الأطفال وفق المفهوم السابق ,كانت ومازالت تتم بشكل مؤسسي ,له أدواته الكثيرة وكوادره المختصة والمدربة, على تصيد الأخطاء والثغرات باستغلال عدم مقدرة العائلات المهاجرة على الإندماج بسهولة ,مع أنماط مجتمعاتهم ذات الصلة.
فساد كبير ضحاياه الأطفال !
كتبت “نداء بوست” نقلاً عن الكاتب والسياسي السويدي “أوفة سفيدين”، عن معلومات “خطيرة” أوردها في كتابه “تجارة الأطفال المربحة” والذي نشره مؤخرًا والذي يتكلم عن ممارسات دائرة الخدمات الاجتماعية “السوسيال”، حيث اتهم قيادات في مؤسسة الخدمات الاجتماعية بالاتّجار في الأطفال واستغلالهم جنسياً.
وبحسب الصحيفة أكد “سفيدين “: “لقد تتبعت عمل دائرة الخدمات الاجتماعية سنوات طويلة واكتشفت خروقات خطيرة في عملهم مثل اختطاف الأطفال من المدارس دون علم الوالديْنِ والتحقيق معهم بعيداً عن منزل الأسرة إضافة إلى استغلال بعض قيادات “السوسيال” للأطفال جنسياً”!.
وقال: “بدعم من المحاكم الإدارية، يسمح “السوسيال” لخدمة النقل البوليسية باختطاف الأطفال مباشرة من المدرسة، وبدون علم الوالدين، ويُوضَعون في منزل تحقيق أو منزل رعاية بعيداً عن منزل الطفل.
وأضاف سيفدين “مع الضمير الفضفاض للوالديْنِ بالتبني، ودون إذن الوالديْنِ البيولوجييْنِ، يمكن فيما بعد استخدام الطفل المُختطَف كعامل غير مدفوع الأجر في مزرعة، أو بيعه لمدمني الجنس، أو لمشتهي الأطفال من الأثرياء، أو يتم استخدامهم كأرانب تجارب في صناعة المستحضرات الصيدلانية”.
تجارة مربحة!
ونوه السياسي السويدي إلى أن ” عدد الأطفال المُختطَفين في السويد يبلغ نحو 28 ألفاً كل عام، يُختطفون حسب قانون رعاية الشباب المُسمَّى LVU”.
و أن “البلديات تكسب نحو 40 ألف كرون سويدي شهرياً مايقارب (4400 $)، وتذهب معظمها إلى جيوب خاصة عَبْر (منازل الرعاية HVB)، والتي هي منازل مملوكة للقطاع الخاص أو مملوكة للبلديات أو تعمل بشكل تعاوُني بإدارة عدة بلديات”.
ورأى سفيدين أن السبب وراء إمكانية استمرار تجارة الأطفال في السويد، هو أنها تجارة مربحة للبلديات، فهم يتلقون أموالاً من الخزينة العامة، وزيادةً على ذلك، الأطفال أنفسهم لا يستطيعون توجيه الانتقاد للبلدية، كما أن الآباء أنفسهم غالباً ما يُعانون من الصدمة ولا يجرؤون على توجيه الانتقادات.
المشكلة الحقيقة و انعكاس المفاهيم
وبناء على ما تم ذكره ,فنقول وبمقاربة بسيطة أن المشكلة الحقيقة تكمن هنا، حيث كان من الواجب البديهي من هذه المؤسسة الحكومية, أو تلك، وبدل لعب دور “الخطافة”، أن تلعب دورها المسؤول والحقيقي بحماية الأسرة والأطفال من العنف، ولعب دور توعوي توجيهي وارشادي، ومساعدة العائلات اللاجئة على الاندماج ,و بتقبل البيئة الجديدة “الغريبة” والمختلفة عن بيئاتهم لغةً ودين وعادات وتقاليد.
لكن هذا لا يحدث ولن يحدث إلا إذا كانت النية والقصد سليم، وحيث أن مجتمعات الغرب والأوربية ,على وجه التحديد “مجتمعات هرمة”، تعاني من معدلات ولادة منخفضة جداً ومعدلات وفيات قليلة ونسبة كبيرة من المسنين، فكان لابد من طريقة لاستمرار ضخ الدماء الجديدة ,بشكل أو بأخر ولو أضطر الأمر أن تتم “بسرقة قانونية”, تشبه دور “الخطافة” ناهيك عن الاستثمار الرابح في هذه التجارة !! .
المصادر :