أبو عيسى المغيرة بن شعبة بن أبي عامر بن مسعود بن مُعتِّب الثَّقفي.
كان المغيرة -رضي الله عنه- في حاجة النبيِّ ﷺ:
عن أنس -رضي الله عنه- قال: (كان عشرون شابًّا من الأنصار يلزمون رسول الله ﷺ لحوائجه، فإذا أراد أمرًا بعثهم فيه). مسند البزار (٧٥١١).
قال ابن كثير -رحمه الله-: (ومنهم رضي الله عنهم المغيرة بن شعبة الثَّقفي). البداية والنهاية (٣١٥/٨).
وكان بمثابة الشُّرطي بين يدي النبيِّ ﷺ:
(كان المغيرة -رضي الله عنه- بمنزلة السِّلحدار [صاحب السِّلاح أو الحرس الخاص] بين يدي رسول اللّه ﷺ، كما كان رافعًا السَّيف في يده وهو واقف على رأس النّبيِّ ﷺ في الخيمة يوم الحديبية). السيرة النبوية لابن كثير (٦٦٤/٤).
المغيرة -رضي الله عنه- الفارس المجاهد:
كان المغيرة بن شعبةَ -رضي الله عنه- من الشجعان الأبطال، شهد بيعة الرضوان مع النبي ﷺ، وشهد اليمامة وفتوح الشام والعراق، وأُصِيبَتْ عينُه يومَ اليرموك. الإصابة (٣٠١/١٠)، الثقات (١٢٢١).
مشاركة المغيرة -رضي الله عنه- في هدم اللات وخطته لإثبات عجزها:
بعث رسولُ الله ﷺ بعضَ أصحابه فيهم المغيرة لهدم اللات، فقال المغيرة لأصحابه: وَاللَّهِ لَأُضْحِكَنَّكُمْ مِنْ ثَقِيفٍ، فَضَرَبَ بِالْكِرْزَيْنِ [أي: الفأس] ثُمَّ سَقَطَ يَرْكُضُ، فَارْتَجَّ أَهْلُ الطَّائِفِ بِضَجَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَقَالُوا: أَبْعَدَ اللَّهُ المغيرة قَتَلَتْهُ الرَّبَّةُ، وَفَرِحُوا حِينَ رَأَوْهُ سَاقِطًا، وَقَالُوا: مَنْ شَاءَ مِنْكُمْ فَلْيَقْرَبْ وَلْيَجْتَهِدْ عَلَى هَدْمِهَا، فَوَاللَّهِ لَا تُسْتَطَاعُ.
فَوَثَبَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ -رضي الله عنه-، فَقَالَ: قَبَّحَكُمُ اللَّهُ يَا مَعْشَرَ ثَقِيفٍ، إِنَّمَا هِيَ لَكَاعُ حِجَارَةٍ وَمَدَرٍ، فَاقْبَلُوا عَافِيَةَ اللَّهِ وَاعْبُدُوهُ، ثُمَّ ضَرَبَ الْبَابَ فَكَسَرَهُ، ثُمَّ عَلَا سُورَهَا وَعَلَا الرِّجَالُ مَعَهُ، فَمَا زَالُوا يَهْدِمُونَهَا حَجَرًا حَجَرًا حَتَّى سَوَّوْهَا بِالْأَرْضِ. زاد المعاد (٥٢٣/٣).
وكان المغيرة -رضي الله عنه- داهية من دهاة العرب:
قال الحاكم -رحمه الله-: (كان يُقال له: مغيرة الرأي، وكان داهية لا يجد في صدره أمرين إلا وجد في أحدهما مخرجًا). المستدرك (٥٨٨٩).
وقال قبيصة بن جابر -رحمه الله-: (صحبت المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه-، فلو أنَّ مدينة لها ثمانية أبواب لا يخرج من باب منها إلا بمكر لخرج من أبوابها). المعرفة والتاريخ (٤٥٨/١).
تخلُّصه بدهائه من افتراء الدِّهقان عليه:
عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيْهِ: أَنَّ عُمَرَ اسْتَعْمَلَ المُغِيْرَةَ بنَ شُعْبَةَ عَلَى البَحْرَيْنِ، فَكَرِهُوْهُ، فَعَزَلَهُ عُمَرُ، فَخَافُوا أَنْ يَرُدَّهُ، فَقَالَ دِهْقَانُهُم [رئيسهم]: إِنْ فَعَلْتُم مَا آمُرُكُم، لَمْ يَرُدَّهُ عَلَيْنَا.
قَالُوا: مُرْنَا.
قَالَ: تَجْمَعُوْنَ مائَةَ أَلْفٍ حَتَّى أَذْهَبَ بِهَا إِلَى عُمَرَ، فَأَقُوْلُ: إِنَّ المُغِيْرَةَ اخْتَانَ هَذَا، فَدَفَعَهُ إِلَيَّ.
قَالَ: فَجَمَعُوا لَهُ مائَةَ أَلْفٍ، وَأَتَى عُمَرَ، فَقَالَ ذَلِكَ.
فَدَعَا المُغِيْرَةَ، فَسَأَلَهُ، قَالَ: كَذَبَ -أَصْلَحَكَ اللهُ- إِنَّمَا كَانَتْ مائَتَيْ أَلْفٍ.
قَالَ: فَمَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا؟
قَالَ: العِيَالُ وَالحَاجَةُ.
فَقَالَ عُمَرُ لِلْعِلْجِ: مَا تَقُوْلُ؟
قَالَ: لَا -وَاللهِ- لأَصْدُقَنَّكَ، مَا دَفَعَ إِلَيَّ قَلِيْلًا وَلَا كَثِيْرًا.
فَقَالَ عُمَرُ لِلْمُغِيْرَةِ: مَا أَرَدْتَ إِلَى هَذَا؟
قَالَ: الخَبِيْثُ كَذَبَ عَلَيَّ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُخْزِيَهُ! سير أعلام النبلاء (٢٧/٣).
الإمارة والتَّنظيم الإداري:
كان المغيرة أميرًا مُوَفَّقًا يُحسِن الإدارة بذكائه، قال ابن حبان -رحمه الله-: (هو أول من سُلِّمَ عليه بالإمرة، مات سنة خمسين في الطَّاعون في الكوفة في شعبان وهو والٍ على الكوفة). الثقات (١٢٢١).
وقال البغوي -رحمه الله-: (كان أول مَن وضع ديوان البصرة، وجمع النَّاس ليُعْطَوْا عليه). معجم الصحابة (٤٠١/٥).
ومع سلطته وإمارته كان حليمًا يحبُّ العفو:
عن زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ قَامَ يَخْطُبُ يَوْمَ تُوُفِّيَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، فَقَالَ: (عَلَيْكُمْ بِاتِّقَاءِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالْوَقَارِ وَالسَّكِينَةِ، حَتَّى يَأْتِيَكُمْ أَمِيرٌ، فَإِنَّمَا يَأْتِيكُمُ الْآنَ، ثُمَّ قَالَ: اسْتَعْفُوا لِأَمِيرِكُمْ [أي: ادعو له بأن يعفو الله عنه]، فَإِنَّهُ كَانَ يُحِبُّ الْعَفْوَ).
إقرأ أيضاً :