بقعة ضوء يسيء للمجتمع الرقي في حلقة تلفزيونية في قمة الرداءة الدرامية والنفس العنصري الطبقي من حلقاته التي اعتدنا على سذاجتها وشطحها عن الواقع بطريقة غبية ومستفزة في آن واحد
بقعة ضوء الحلقة 29
تتكلم الحلقة عن طالب جامعي من الرقة سافر إلى الشام ليدرس (أدب عربي) .. وهذه أول سقطة تدين المسلسل نفسه وتدين نظام الأسد
سقطات درامية
تخيل أنك تتحدث عن محافظة سورية يضطر أبناؤها لدراسة تخصص الأدب العربي الذي يعتبر إنشاء كلية له في الرقة أمراً غير مكلف، فلا يحتاج الأمر إلى مخابر وأجهزة تحليل ومشافٍ حديثة للتدريب !! فلماذا يضطر الطالب للسفر 500 كم لدراسة تخصص الأدب العربي
مع العلم أنّ السقطة الثانية هي وجود كلية آداب في الرقة .. ثم غالبية من كانوا يدرسون هذا التخصص قبل إنشاء الكلية يدرسونه في دير الزور أو في حلب وليس في الشام!!
هذه سقطة درامية غبية .. ولكن ليست لب الموضوع فهي تتحدث عن خرافة (السرة)
حيث تطلب بعض نساء القرية من الطالب الجامعي أن يأخذ سرر أطفالهن ليلقيها إما في كلية الطب أو قصر العدل أو غيرها … ليكبر الطفل ويصبح طبيباً أو محامياً أو … الخ
خرافة السرة ليست في الرقة فقط
قد قرأت عنها في موقع فلسطيني وهي عادة معروفة هناك حيث يلقون السرر في المدارس أو المشافي لنفس الغاية التي تتحدث عنها الخرافة
كذلك قرأت في موقع مصري عنها؛ وربما لو سألت أي مدرس في الأزهر الشريف سيخبرك أنّ كثيراً من المصريين يؤمنون بإن إلقاء السرة على سطح جامع الأزهر سيجعل من الطفل عالماً بكتاب الله وسنة رسوله عندما يكبر
ولا يقتصر ذلك على مسلمي مصر .. فحتى الأقباط اعتادوا على إلقاء السرر في الكنيسة لنفس السبب
في الجزائر قرأت مقالاً مشابهاً وحتى أنهم يسمونها (صرّة) لأنها تصرّ بمنديل قبل إلقائها في الهدف
وكذلك في العراق .. ويشترك السنة والشيعة في ذلك تلقى السرر على أسطح المساجد والحسينيات.
واطلعت على رسالة لسعودي من المنطقة الشرقية يستفتي ابن باز رحمه الله عن هذه الخرافة .. وقد أفتاه بأنها باطلة لا صحة لها
إذاً الأمر ليس مختصاً بالرقة وحدها .. فلمَ يتكلّف المخرج بتعليم الممثلين لهجة الرقة ليتكلموها بطريقة مضحكة وغبية .. ويصرّ على غناء الطالب لأربع مرات أغنية (من فوق جسر الرقة) ليكرر للمشاهد فكرة أنّ هذه الخرافة في محافظة الرقة لا سواها.
إساءة للمجتمع الرقي
ناهيك عن الطرح الساذج .. في كون الشاب صاحب الهندام (المفشكل) في رقته بعد أن عاد من الشام صار يمشط شعره ويلبس البنطال!!
ألا يوجد مشط وبنطال في الرقة؟!
طرح سخيف اعتدنا عليه من دراما الأسد لترسيخ فكرة أن أهالي الرقة من بلاد واق الواق ومع الأسف أثر ذلك في تصور الكثيرين من المحافظات الأخرى لنا
كم من شخص صدم عندما قلت له أنا شاوي!!
فهو معتاد على أن كلمة شاوي شتيمة واستنقاص !!
ليست المرة الأولى
لقد سمعت من زملائي في الجامعة من خارج الرقة كلاماً مشابهاً حول أنهم يظنون الرقة عبارة عن خيام ورعيان غنم فقط لا غير ..!!
في حلقة لبرنامج ساخر على الراديو قبل الثورة ب4 أو 5 سنوات كنت أتابعه
يركب ابن الرقة في البولمان مكان السائق ويحاول الجميع إرجاعه أو إقناعه بأنّ هذا المكان ليس له إنما للسائق وهو مصر على أنه كرسيه وصعد قبل السائق
حتى جاء شخص وكلمه بهمس بضع كلمات فقام الرقاوي الشاوي وعاد إلى آخر الباص
ولما سألوه: ماذا قلت له؟
قال: قلت له إن هذا الكرسي لا يأخذك إلى الرقة!!
لا أتصور أنها غلطة درامية صدرت من كاتب يريد أن يملأ فراغ مسلسل تافه، وشارك فيه ممثلون لا مورد لهم إلا فتات أجرتهم من مسلسل كهذا، بل هي سياسة معتادة من نظام الأسد وأدواته الإعلامية لترسيخ الطبقية في المجتمع وليبقى الشاوي في نظر الجميع كائن من العصور الوسطى ومواطن من الدرجة الثامنة والثمانين.
تنويهات أخيرة
✓ تنويه 1 ..
لا زلت أذكر أنّ ترتيب الرقة في النشرة الجوية هي آخر محافظة.
✓ تنويه 2 ..
في هذا المسلسل يشرب الشاوي الشاي إلى جانب صحن تفاح وهي رسالة بعيدة المدى عن خروج هذا الكائن الشاوي عن أدنى مفاهيم الأتيكيت .
إقرأ المزيد :