اخترت الحديث في هذا المقال عن مسألة عدد تكبيرات صلاة العيد لأكثر من سبب وأهمها أنّ التوقيت ملائم لذلك، ثم للتعرف على الأقوال الفقهية في عدد التكبيرات.
هذه المسألة من المسائل الفقهية؛ المختلف فيها قديماً وحديثاً بين العلماء، وقد أوصلها العيني إلى تسعة عشر قولاً، وهي من المسائل التي لا ينبغي التشدّد والتنطّع فيها، وخاصّة من يكون على مذهب، وينتقل إلى بلد وهم على مذهب آخر.
الخلاف في عدد تكبيرات صلاة العيد خلاف قديم
وقد ذكر الإمام ابن عبدالبر أن الصحابة والتابعين اختلفوا في عدد تكبيرات العيد اختلافا كبيرا.
وقال الإمام أحمد بن حنبل (اختلف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في التكبير، وكله جائز)
هذا هو فقه الفقيه، فمثل هذا الخلاف يسوّغ فيه الاجتهاد، ولا يجوز أن يكون هذا الاختلاف سببا للفرقة والشتات، وهي طريقة الإمام أحمد في التعامل مع النصوص غير الصريحة، إذا جاء عن الصحابة عدة أقوال وأفعال في ذلك، فيعدّ ذلك كله من الجائز، ومن باب تنوع العبادات.
فالحنفية مثلا ورواية عن أحمد وعن جمع من الصحابة: يرون في الركعة الأولى ثلاثُ تكبيرات باستثناء تكبيرة الإحرام، وتكون قبل قراءة الفاتحة، والركعة الثانية ثلاثُ تكبيرات باستثناء تكبيرة الركوع، وتكون هذه التكبيرات بعد القراءة، ويسكت بين التكبيرات بقدر تسبيح ثلاثُ تسبيحات.
والمالكية والحنابلة والفقهاء السبعة: يرون أنّ عدد التكبيرات في الركعة الأولى يكون سبعاً مع تكبيرة الإحرام، وفي الركعة الثانية ستّ تكبيرات مع تكبيرة القيام، والتكبيرات في الركعتَين تكون قبل القراءة.
والشافعية: يرون سبع تكبيرات ما عدا تكبيرة الإحرام، وفي الثانية خمس تكبيرات ما عدا تكبيرة القيام، وتكون كُلّ التكبيرات قبل القراءة.
هل تخالف الإمام في تكبيرات العيد أم توافقه؟
هذه أشهر الأقوال في المسألة، ويوجد أقوال أخرى في المسألة، ثم إذا كان الشخصّ يرجح ويختار قولاً، فليس له كمأموم أن يخالف الإمام، فإنما جعل الإمام ليؤتم به.
وليس له أن ينشئ جماعة أخرى، لما في ذلك من تفريق اجتماع المسلمين، وجلب الفتنة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (وَلَوْ كَانَ الإِمَامُ يَرَى اسْتِحْبَابَ شَيْءٍ، وَالْمَأْمُومُونَ لا يَسْتَحِبُّونَهُ، فَتَرَكَهُ لأَجْلِ الاتِّفَاقِ وَالائْتِلافِ : كَانَ قَدْ أَحْسَنَ)
بقلم الدكتور: سعد النزيلي
اقرأ أيضاً: