- بقلم الكاتب محمد زعل السلوم ــ ألوان نيوز
نظرية فلسفية :
يحدث أن يكون لشخصين وجهات نظر متعارضة جذرياً وكلاهما على حق.
ستقول : عادي، لكل شخص الحق في إبداء رأيه.
لكني لا أتحدث عن رأيين متناقضين, إنني أتحدث عن حقيقتين موضوعيتين، تستندان إلى نفس الحقائق، ولكن تؤديان إلى استنتاجات معاكسة.
كيف يكون هذا الشيء ممكنا؟
الغضب
خذ الجدل الدائر حول أوكرانيا.
من ناحية، لديك من يقول : نعم، بوتين طاغية متعطش للدماء، لكن غزوه يمكن تفسيره بعقلانية وتتحمل الدول الغربية مسؤولية كبيرة.
يقولون إن الناتو أراد الاستفادة من سقوط الاتحاد السوفيتي بدفع بيادقه إلى الحدود الروسية.
قبل فتح أذرع الناتو لأوكرانيا، كان الناتو قد دمج بالفعل جميع دول أوروبا الشرقية، الأقمار الصناعية سابقاً لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية، ودول البلطيق، الجمهوريات السوفيتية سابقاً.
كان دمج أوكرانيا أحد الاستفزازات الكثيرة. وكان بوتين قد حذر من أنه لن يسمح بذلك على الإطلاق.
استفزنا الدب وأثارنا غضبه.
معسكر الواقعيين المتطرفين ومعسكر المبادئ
تخيلوا رد فعل الولايات المتحدة، كما يقولون، إذا أرادت كندا أو المكسيك الانضمام إلى ألد أعدائها.
دعونا نطلق على هذا المعسكر معسكر الواقعيين المتطرفين : فقط توازن القوى والمصالح والجغرافيا السياسية هو الذي يهم.
يقول الجانب الآخر : إذا كنا جادين في الادعاء بأن أوكرانيا دولة ذات سيادة، فإن لها كل الحق في اختيار المستقبل الذي تريده لنفسها.
ليس لروسيا، سواء شاءت ذلك أم لا، الحق في إخبار جيرانها بما يمكنهم أو لا يمكنهم فعله.
إنها إمبريالية أن تصمم لهم مستقبل الآخرين.
دعونا نسمي هذا المعسكر معسكر المبادئ.
هنا، لا تجعلوني أقول ما لا أقوله : الواقعيون المتطرفون لا يدافعون عن بوتين.
يشرحون سلوكه، ليس هو نفسه، ويقولون : من الخطأ أن تتفاجأ. لقد شعر بالتهديد وكان رد فعله هو الطريقة الوحيدة التي يعرفها، مثل حيوان في الغابة يهاجم متنزهاً مهملاً.
ألا نقول لا تقف في طريق الأشبال وأمهم؟
من على حق؟
المعسكر الواقعي والمعسكر المبدئي كلاهما على حق، لكنهما يتوصلان إلى استنتاجات معاكسة لأنهما يسكنان عوالم عقلية مختلفة.
إنهم لا يتناغمون مع نفس الطول الموجي. يستخدمون نفس الكلمات، لكن لا يتحدثون نفس اللغة.
إنه مطابق لحوار الصم بين مؤمن وملحد.
الملحد يسأل أين الدليل العلمي؟
يجيب المؤمن : لست بحاجة إلى دليل علمي لأؤمن.
كلا الموقفين يدافعون عن أنفسهم.
مرونة
بالطبع، في الواقع، سيكون العالم بدون مبادئ غابة، والعالم القائم فقط على المبادئ هو مدينة فاضلة.
بعد قولي هذا، في الواقع، من يمكنه التفكير مثل بوتين؟ لا يوجد سوى الصين. لكن أوكرانيا سوف تضطر إلى قبول تنازلات مؤلمة.
إقرأ المزيد :