بقلم محمد زعل السلوم ــ الوان نيوز
كل شيء يسير بسرعة. ومما أثار دهشة الجميع، غزت روسيا بقيادة فلاديمير بوتين، الخميس 24 فبراير 2022، أوكرانيا، قبل أن تجد مقاومة أمامها تذهلها وتشوشها.
تخيل الجيش الروسي نفسه في نزهة صحية، مرحباً به كمحرر. لتجد روسيا نفسها مكروهة من قبل أولئك الذين يذكرونها بأن الغازي ليس منقذاً، وأن أوكرانيا بلد في حد ذاته، مهتم باستقلاله، ومستعد للقتال من أجله. وبميل إلى تغيير الإستراتيجية، في رفضه إعادة الاتصال بالوحشية التي يعرفها تاريخياً.
قبل كل شيء، تجرأ فلاديمير بوتين، المنزعج من الأحداث، على تجاوز المحرمات، من خلال التفكير صراحة في استخدام الأسلحة النووية. لم يسير انقلابه كما كان يأمل. فشلها النسبي، في الوقت الحالي، يمنحها إغراء التطرف.
وجد بوتين نفسه أمام كارثة سلاحه الخردة، وأرتال دباباته المدمرة وخلال أسبوعين تقريباً خسر أو تم تحييد أكثر من ثلث قواته الغازية بين قتيل وجريح وأسير وأكثر من 5 بالمائة من قدرته العسكرية، وبعد فشله براً وبحراً وجواً أصبح يطلق صواريخه بعيدة المدى كليبر والتي استخدمها سابقاً على المدنيين في سوريا، والتي كانت ساحة تجربة لأسلحته التي ظهرت في الأرض الأوكرانية هزيلة وجيشه مرهق ومدمر، أمام الأسلحة الخفيفة مثل الجافلين المضاد للدروع والستينغر المضاد للطائرات والبيرقدار الطائرة الأسطورية التركية التي حطمت أسطورة سلاحه من منظومة الدفاع الجوي.
نووي :
الحدث المهم أن الحرب الباردة جعلت من الأسلحة النووية سلاح ردع. هنا يقلل فلاديمير بوتين من أهمية استخدامه المحتمل ويهدد باستخدامه لأغراض تكتيكية. سوف نفهم أن الأمر يتعلق بإرهاب الغربيين عقلياً، من خلال إظهار مدى استعداده للذهاب لأبعد مدى. وصولاً لمحاولته تدمير المحطة النووية الأوكرانية وإظهارها كحادث عرضي.
في الغرب، أصبح تبجح فلاديمير بوتين نسبياً. وفضلوا فرضية أن نصدق أنه يخادع. لكن الغرب فضل تصديق ذلك أيضاً قبل الغزو. فهو شديد الكذب في العادة فكم من مرة كذب في سوريا وعلى مدى سبع سنوات، فعندما تدخل في سوريا عام 2015 قال بأن عملياته ستنهي الحرب السورية في ظرف شهرين واليوم بعد سبع سنوات أكثر من نصف الشعب السوري لاجئ أو نازح داخل وخارج سوريا وحوالي المليون معتقل ومفقود في سجون الأسد حليفه، هناك شيء واحد تم التقليل من شأنه : أن خاصية الحرب لا تتكشف أبداً كما هو متوقع، وقيادة أولئك الذين يقودونها ويخوضونها إلى أبعد مما كانوا يعتقدون عندما بدأت.
يجدر بنا أن ننتقل للحظة إلى الفيلسوف روجر كايليس، المنسي الآن، لكنه كان مهتماً بما يمكن تسميته بالآثار النفسية للحرب. لقد اقترح مفهوماً : مفهوم الدوار. قال إن المجتمع ينجرف بعيداً عن طريق الدوار، عندما يرى هاوية فنائه مفتوحة أمامه، عندما يصبح ما لا يمكن تصوره ممكناً.
لأن هناك متعة مرضية في فكرة مغازلة الموت، موت المرء وموت الآخرين. وعندما تندلع الحرب، يسيطر الدوار على الحضارة. لذلك فإن إغراء الأسوأ يمكن أن يستولي على العقول كافة، حتى الأفضل منها، حتى الأشجع شجاعة. إنه من سيدفع الخطاب الهدام إلى أبعد مدى.
الحذر:
قد نرى هناك فكرة تحليلية نفسية عند بنسين. على خطأ. لأن من سمات الحضارة قمع واحتواء وكبح الجزء الفوضوي من الإنسان، الذي يغري دائماً بالموافقة عليه، لأن الخير والشر يتداخلان بطريقة غامضة في روحه وقلبه وعقله.
الإغراء قوي، ويمكن إضافته حالياً واستعارة خطاب حربي أكثر من أي وقت مضى. ومع ذلك، يجب أن نحتفل برجال التوازن، أولئك الذين يعرفون أن العالم دائماً على حافة الهاوية، وأن السلام المتفاوض عليه وغير الكامل يكون عموماً في ارتفاع إلى أقصى الحدود التي يمكن أن يخرج منها الأسوأ عندما يفتح الباب الجحيم.
واليوم بوتين دخل الجحيم الأوكراني لكنه ببساطة لن يتوقف ولم يتوقف كما في سوريا، لذا لابد من إسقاطه بأي شكل وإلا فالهاوية بالفعل موجودة كل لحظة وكل آن.
إقرأ المزيد :