بقلم محمد زعل السلوم ــــ الوان نيوز
الجنود الروس :
أولى العالم الكثير من الاهتمام لشجاعة الأوكرانيين، وخاصة المدنيين الذين انضموا إلى قوات الدفاع في بلادهم. لسوء الحظ، سيموت الكثير منهم هناك. سيكون هناك أيتام، هذا هو رعب الحرب.
ومع ذلك، هناك أيضاً واقع حزين للغاية على الجانب الآخر. لتجسيد الطموحات القتالية لفلاديمير بوتين، لم يكن الجيش الروسي مهني بشكل كافي. من الواضح أنه تم تجنيد آلاف الشباب الروسي للذهاب إلى الجبهة. وقد اعتاد على قتل المدنيين العُزّل في سوريا واستسهل هذا النوع من القتال، فيما وقف عاجزاً ومدمراً أمام ثلاثة أسلحة نوعية امتلكها الأوكران ولم يمتلكها السوريون وهي الصواريخ المضادة للدروع مثل الجافلين الأمريكي وإن لاو البريطاني، والصواريخ المضادة للطائرات والتي تُحمل على الكتف أي الستينغر الأمريكي، وطائرة بيرقدار التركية. الفرق أن السوريين أيتام في قلب العالم العربي والإسلامي، عكس الأوكران الذين يمتلكون البشرة البيضاء والعيون الخضراء وأنها على الحدود الأوروبية، مما يهدد الأوروبيين بشكل مباشر. وهذا ما نسميه لعنة الجغرافية والعرق والدين، لذلك تحول جيش بوتين إلى نمر من ورق يتمزق أمام معدات خفيفة فما بالكم لو واجه البوارج والناقلات والسفن والغواصات والطائرات الغربية.
وفيما كنا حذرين بتلقي الأخبار عن الغزو الروسي لأوكرانيا، وندرك أن المعلومات المضلّلة هي جزء من الحرب، فقد تلقينا العديد من الإشارات المزعجة حول الجنود الذين يرسلهم بوتين إلى الخطوط الأمامية.
لماذا هذه الحرب؟
الواضح أن الشباب الروس لا يعرفون حقاً ما يفعلونه أو الأخطار التي عليهم مواجهتها أو تُعرّضهم لها بلادهم. المراهقون الكبار الذين جربوا كافة أسلحتهم على مدنيين عُزّل لا حول لهم ولا قوة في سوريا قد يجدون صعوبة في الصراخ في شعار معنى “المهمة” التي يجب أن تحركهم. ففي سوريا تبنى بوتين شعار “الحرب على الإرهابيين” ليبرر تدخله العسكري، وخاصة أنه يعبر عن “مسيحيين” أما في أوكرانيا ذات الدين والعرق واللون فما هو المبرر لغزو دولة مستقلة أخرى؟
أولاً، من الواضح أنه تم الكذب عليهم. اجتمعت العديد من الشهادات لإثبات أن الرواية المقدمة للجنود الروس هي أنهم جاؤوا لتحرير إخوتهم الأوكران وحسب القصة التي رواها بوتين، وعلى خلفية رواية “تاراس بولبا” لنيكولاي غوغول في تمجيد العرق السلافي في مواجهة الغطرسة البولندية، وبالتالي يجب “تجريد” الحكومة الأوكرانية من إنسانيتها، وسيبدو شعب أوكرانيا تحت نير الطغاة النازيين.
وفقاً لهذا المنطق، سيتم الترحيب بالجنود الروس كمحررين وأبطال من قبل الشعب الأوكراني. حتى تم جعلهم يعتقدون أن السكان المحليين سوف يقفزون فرحاً لاستقبالهم، ويمطرونهم بالشكر ويرمونهم بالورود فرحاً وطرباً، لم يكن هذا بالضبط نوع الترحيب الذي لقيه الجنود الروس بمجرد انتشارهم على الأراضي الأوكرانية.
هل الجنود الروس محاربون حقاً؟
انتشرت صور لجندي روسي أعزل يبلغ من العمر 18 عاماً يقدم المعجنات والشاي لأسرة أوكرانية. وهذه الأخيرة تسمح له باستخدام هاتفها المحمول للتواصل عن طريق الفيديو مع والدته. يبكي الشاب عندما يرى أمه تظهر على الشاشة.
هذه مجرد حالة واحدة تم نشرها بانحياز في وسائل التواصل بالطبع. بل أضيفت إلى الإشارات الأخرى، والد لثلاثة صغار يقول أجد صعوبة في رؤية هذا الصبي محارباً. نرى أكثر من ذلك بكثير شاب فقد أو تم تجنيده أو اجتذبه المال والوعود الكاذبة والأمان المعسول، أرسله بوتين إلى حرب لا يفهم شيئاً عنها.
الدفاع عن بلدك في مواجهة العدوان المروع شيء واحد. يسهل فهم مهمته وبالتالي التغلب على الخوف. لكن كونك المهاجم والغازي، والسير مئات الأميال بعيداً عن المنزل لقتل الغرباء الذين لم يفعلوا لك أي شيء، فهذه مسألة أخرى.
يتحدث الكثير من الأوكرانيين اللغة الروسية.و بلا خوف، يواجه العديد منهم الجنود الروس العزل، ويصرخون عليهم ويطلبون منهم العودة إلى ديارهم.
لا يزال الجنود الروس الشباب مذهولين، مثل المراهقين الضائعين الذين يفضلون شن الحرب في لعبة فيديو بدلاً من المخاطرة بحياتهم لإشباع جنون وغرور رجل واحد.
إقرأ المزيد :